التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
موجز تاريخ عمان في العصر الإسلامي منذ دخول الإسلام إليها وفترة الإمامة الإباضية والاحتلال البرتغالي ثم الدولة اليعربية والبوسعيدية
الموقع الجغرافي
سلطنة عمان دولة عربية، تقع في أقصى الجنوب الشرقي من شبه الجزيرة العربية، مطلة جنوبًا على بحر العرب وجنوبًا وشرقًا على خليج عمان، وتشرف شرقًا في شبه جزيرة مسندم على بوابة الخليج العربي، حيث مضيق هرمز الاستراتيجي. ومما يميز سلطنة عُمان، أن أراضيها غير متصلة، حيث تنفصل عنها شبه جزيرة مسندم التابعة لها بأراضٍ إماراتية.
ويحد السلطنة من الشمال الشرقي الإمارات العربية، ومن الغرب والشمال الغربي المملكة العربية السعودية، ومن الجنوب الغربي اليمن. وحدودها الجنوبية والجنوبية الغربية والغربية بحرية، تطل بسواحلها التي تبلغ نحو 1700كم. ويتبعها جزر صغيرة عدة في خليج عُمان (جزيرة سلامة وبناتها) وفي بحر العرب (جزيرة مصيرة ومجموعة جزر الحلانيات). وتبلغ مساحتها نحو 300.000كم2، وهي بذلك الثالثة في المساحة بين دول شبه الجزيرة العربية بعد السعودية واليمن.
تاريخ عمان القديم
عُمان دولة عربية، اتصل تاريخها بتاريخ جنوب شرقي الجزيرة العربية، الذي لايزال معظمه طي الكتمان والنسيان، وقد دلّت الحفريات والتنقيبات الأثرية التي أجريت مؤخرًا على وجود حضارة عُمانية يرجع تاريخها إلى الألف الرابع ق.م.
ورد ذكر عُمان في النقوش المسمارية باسم: "مجان", أو "مغان"، وفي فترة السيطرة الفارسية عرفت باسم "مزون"، أما في المصادر العربية فعُمان إقليم سكنته القبائل العُمانية المتحدرة من قدماء العماليق، بدأت تتضح صورته بداية القرن السابع ق.م، حينما تعرضت لهجرة بعض القبائل القحطانية، ولاسيما بعد انهيار سد مأرب. وعُمان وفق هذه المصادر نسبة إلى عُمان بن قحطان (شقيق يعرب) الذي أقام دولته المنسوبة إليه في ذلك الإقليم.
غزا الفرس عُمان في منتصف القرن السادس ق.م، فقاومهم سكانها بقيادة زعيمهم مالك بن فهم الأزدي، ومنذئذ تداولت البطون المختلفة من الأزد على عُمان إلى فترة ما قبل الإسلام، ثم امتزجت مع مجموعات من قبائل أخرى قدمت إلى المنطقة، أغلبها من تميم وقضاعة وعبد قيس.
دخول الإسلام إلى عمان
ومع بداية ظهور الإسلام كان يحكم عُمان الجُلُندى من ذرية مالك بن فهم الأزدي، ودخل أهلها في الإسلام استجابة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم برسالة بعث بها إلى (جيفر وعبد) وَلَدَي الجُلُندى؛ اللذين بقيت السيادة على عُمان في عقبيهما فترة طويلة.
في عهد الخلفاء الراشدين
وقد أسهم العُمانيون منذ خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الفتوحات الإسلامية، وكانوا إلى جانب علي رضي الله عنه في أثناء حربه مع معاوية رضي الله عنه.
الإمامة الإباضية في عمان
وفي ولاية الحجاج بن يوسف على العراق، دخلت عُمان مرحلة جديدة بانتشار مذهب الإباضية بين أهلها؛ وهو المذهب الذي ارتبط تاريخه بكفاح عُمان في مواجهة الأمويين والعباسيين.
تداول الإمامة في عُمان منذ أيام عبد الله بن إباض 129هـ/746م حتى بداية القرن الرابع الهجري أئمة عدة، وقف العُمانيون إلى جانبهم في مواجهة الجيوش العباسية وغيرها من القوى التي كانت تغير على بلادهم (أحباش وهنود).
وحينما تعرضت عُمان لغزو القرامطة سنة 317هـ/929م، والزنج سنة 362هـ/972م، تصدى لهم الأهالي وردوهم على أعقابهم، وحالوا بينهم وبين دخولها، وبقيت عُمان في منأى عن الخضوع لأي جهة أجنبية، وشهدت في تلك الأيام ازدهارًا كبيرًا على الصُّعُد كافة، وأصبح لها جيش قوي وأسطول بحري ضخم، مكنها -في ظل الأئمة من آل الخروصي وآل المكرم- من فرض سيادتها على المنطقة الممتدة من الخليج العربي إلى حضرموت حتى مطلع القرن السادس الهجري.
غير أن عُمان دخلت في حروب داخلية في ظل الأسرة النبهانية، التي تغلبت على السلطة فيما بعد، حتى القرن التاسع الهجري، وعرضت البلاد إلى نكبات نتج منها تقسيم عُمان إلى أقاليم وكيانات ضعيفة مهدت لاستيلاء مملكة هرمز على كثير من أرجائها.
السيطرة البرتغالية على عمان
بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح سنة 904هـ/1498م، وصل البرتغاليون إلى عُمان بقيادة ألفونسو البوكيرك، وبعد سلسلة من المجازر والفظائع تمكنوا من بسط سيطرتهم على المواقع المهمة في عُمان طوال القرن السادس عشر، ومع أن الدولة العثمانية حاولت الدفاع عن سواحل شبه الجزيرة العربية وخاضت مع البرتغاليين أكثر من معركة، غير أن ما جرى من مواجهات لم يسفر عن نتائج حاسمة في ظل الانقسامات التي كانت تعانيها المنطقة عامة.
الدولة اليعربية في عمان
مع بداية القرن السابع عشر، تولت الأسرة اليعربية بزعامة الإمام ناصر بن مرشد اليعربي مقاليد الحكم في عُمان وأعادت لها نشاطها العسكري بعد ما تمكن الإمام ناصر من وضع حد للوضع المضطرب بين القبائل، وأرسى قواعد دولته المهيبة سنة 1624م، وأخذ يغير على المحطات والمواقع البرتغالية محققًا عليها انتصارات باهرة.
ومن بعد وفاته تمكن خلفاؤه (سلطان بن سيف 1091هـ/1680م، وسيف بن سلطان 1123هـ/1711م) من طرد البرتغاليين نهائيًا، وأصبح لعُمان أسطول بحري كبير، رفرفت راياته على المنطقة الممتدة من الخليج العربي حتى مشارف وادي لانداس على سواحل الهند الغربية، وحينما بلغت أخبار هذه الانتصارات سكان الإمارات الإسلامية على سواحل شرقي إفريقيا (ممباسا - ماليندي - كلوة - زنجبار) سارع حكامها بطلب النجدة من إخوانهم العُمانيين لإنقاذهم من البرتغاليين، وتوجهت السفن العُمانية إلى تلك المناطق، ووجهت إلى القواعد البرتغالية ضربات مؤلمة وأجبرتها على الهرب، وأصبحت تلك المناطق جزءًا من دولة اليعاربة.
الدولة البوسعيدية في عمان
مع نهاية النصف الأول من القرن الثامن عشر عمّت الفتنة أفراد البيت اليعربي، في الوقت الذي كانت تشهد فيه المنطقة تنافسًا محمومًا بين الشركات الاستعمارية الغربية (هولندية - فرنسية - بريطانية)، فاغتنم الفرس هذه الفرصة واحتلوا بعض المواقع المهمة على الساحل العُماني، فالتفّ العمانيون حول عامل صحار من قبل اليعاربة؛ أحمد بن سعيد (مؤسس الأسرة البوسعيدية)، فأعاد للإمامة هيبتها سنة 1162هـ/1749م، وأخضع المتمردين لسيطرته في عُمان وإفريقيا، ومرة ثانية أصبح لعُمان ثقلها الإقليمي في المنطقة حتى عهد حفيده سعيد بن سلطان بن أحمد (1806 - 1856م) الذي تعرضت البلاد في عهده لهجمات الوهابيين في الخارج، وتمرد بعض القبائل عليه في الداخل، فلجأ إلى الاستعانة بالقوات البريطانية التي كانت تتحين الفرصة المواتية للتدخل بالشأن العُماني، وقامت بعملها الخبيث الذي انتهى بتقسيم السلطنة بعد وفاته إلى شطرين: آسيوي على إدارته ولده ثويني، وإفريقي على إدارته أخوه ماجد بن سعيد.
فكان هذا الإجراء ضربة قاصمة للدولة العتيدة، مهدَّ السبيل لفرض السيطرة البريطانية على المنطقتين بآن واحد، ولم تقف سياسة الاستعمار البريطاني عند هذا الحد بل أبرمت اتفاقيات ومعاهدات حماية بين المتنافسين على السلطة، وعزلت الساحل عن الداخل، وأصبحت عُمان خاضعة في الساحل لسلطة زمنية ممثلة بالسلطان مدعومًا من القوات البريطانية، وفي الداخل لسلطة دينية ممثلة بإمام منتخب من الأهالي. ومع ازدياد حدة الصراع ازدادت الهوة بين العُمانيين وباعدت بين الأهل وأصحاب البلد الواحد، ومع أن العُمانيين كانوا مدركين أهداف السياسة البريطانية كانت بينهم معارك دامية دامت حتى قيام الحرب العالمية الثانية.
بعد أن وضعت الحرب أوزارها، كان تيمور بن فيصل السلطان المسمى على البلاد، وقد تم في عهده ربط مصير السلطنة بالإدارة الاستعمارية في الهند، فالتفّ العُمانيون في الداخل حول الإمام محمد بن عبد الله الخليلي، بعد أن فقدوا ثقتهم بالسلطان، ونشبت الحرب الأهلية من جديد بين الساحل والداخل، وحينما وجدت بريطانيا أن الغلبة ستكون للإمام، مارست ضغوطها على الجميع، وخرجت عليهم بمعاهدة السيب (1920م)، التي استهدفت تجسيد الانقسام وضرب الوحدة الوطنية، فلم يرض العُمانيون عنها ونزل السلطان عن الحكم لولده سعيد في الوقت الذي رأى فيه الإمام أن يولي اهتمامه بتقوية جبهتة الداخلية لمواجهة مرتقبة مع القوات البريطانية.
وبعد وفاته سنة 1954م انتخب العُمانيون الإمام غالب بن علي، الذي اختلف مع السلطان سعيد وثار عليه، بيد أن هذا الأخير تمكن من إخماد ثورته مستعينًا بالقوات البريطانية، لكن الأهالي استمروا بثورتهم التي امتد لهيبها ليشمل ظفار والجبل الأخضر، وكادت تهدد استقرار عُمان ووحدتها، فعرضت قضيتها على هيئة الأمم المتحدة بمساعدة الدول العربية، التي طالبت بجلاء القوات الاستعمارية، في الوقت الذي أبعد السلطان الحالي قابوس بن سعيد والدَه إلى بريطانيا في يوليو 1970م، وتسلم زمام الأمور، ونالت عُمان استقلالها وسيادتها سنة 1971م.
_______________
المصدر: الموسوعة العربية العالمية، المجلد الثالث عشر، ص475.
التعليقات
إرسال تعليقك